تنتظر على الشطآآآآن جواب أحدهم ..@@

الجمعة، 25 مايو 2012

ما حدث بالأمس !!



في ليلة البارحة الساخنة ، وبينما كنا ننعم بأجواء التكييف الباردة ، فجأة وبدون سابق إنذار تُقطع الكهرباء _ عادات وتقاليد تتكرر شهريا في ولاية منح _ كانت الساعة الحادية عشر ليلا ، وكانت حمى إنفلونزا الصيف تراودني بغضب ، لم ينطق أحد من أخواني الصغار بكلمة واحدة لحظة الانقطاع ، لا أدري هل هو خوف أم تعود أم صمت الغضب .

انتظرنا عودة الحياة بشيء من الهدوء وبعض الصبر لمدة ساعة كاملة ، بعد الساعة بدأ الجميع يتأفف وصراخ أخي ذو الثلات سنوات يعلو ، يتصل والدي بين الحين والآخر بطوارئ كهرباء الولاية _ هذا الرقم الذي يحتفظ به كل بيت في الولاية _ ليجيبه الموظف : " اسمحولنا في خلل وجالسين نعالجه " ، ليرد أبي :" عندنا أطفال والجو حار ، شو هذا الاهمال عندكم " ، فيجيب : " انتظروا أخي الكريم بترجع الكهرباء بعد نص ساعة " .

استمر الوضع هكذا لساعات ، الجميع غاضب وكل يأخذ زاوية ما في "حوش البيت" ، لكن الأمر المدهش حقا أن الصمت سيد الموقف ولا صوت سوى التأفف وصراخ أخي بين الحين والآخر . استمر الوضع هكذا بهذه الصورة ، انتابني شعور لايمكنني وصفه ، فتخيل عزيزي القارئ : حمى ساخنة تتخلل عظامي بغضب وترتفع مع حرارة الجو التي لا تطاق ، ويتردد في أذني صراخ أخي الذي لايحتمل الحرارة لوجود عملية جراحية في قدمه ، أحسست أننا  نعيش 10 عقود للخلف ، بدأت أردد عبارات لاترضي من يقدس هذا الوطن ، عبرت في الفيسبوك وتويتر والواتسب وكل وسائل التعبير المتاحة في يدي حينها بجمل جردتني من مفهوم الوطنية ، رد علي أحدهم : " وطننا لايقبل بأمثالك ، فلتغادري ترابه " .

هكذا كان الوضع مخيف حتى عادت الحياة في فجر اليوم بعد انقطاع استمر حوالي 4 ساعات ، ظننت بأنني سأعوض الراحة والسكينة في صباح اليوم ، فأنصعق بتكرر مشهد انقطاع الكهرباء في الساعة العاشرة صباحا ، واستمر كذلك لساعات .

هذا المشهد عزيزئ القارئ لايقتصر على هذه الولاية ، بل يتكرر الأمر في كثير من ولايات السلطنة وبشكل دوري ، ولأسباب مهما كانت قوتها فهي غير مقنعة بعد أكثر من 40 عاما على عمر النهضة .

عذرا سعادة رئيس الهيئة العامة للكهرباء والمياه : العالم يتسابق اليوم إلى مراحل متقدمة في خلق ثورات صناعية عظيمة ، ونحن في عمان لازلنا متخبطين في تأسيس بنية تحتية سليمة ، كيف لا في زمن انقطاع الكهرباء فيه يعني توقف الحياة بكل مفرداتها . اذا كان الوضع سيستمر هكذا لسنوات بشكل متكرر ، فلتتكرموا بتنبيهنا حتى نكيف أنفسنا بالأدوات اللازمة مثلما كيف آباؤنا أنفسهم قبل 50 عاما ، ولننظف الغبار عن القناديل التي نحتفظ بها في مخازننا لإعادة استخدامها اليوم في القرن الحادي والعشرين .. هذا إذا كان الجميع يعرف مفهوم القنديل وماهيته ، ولنوجد بدائل لاعتمادنا على استخدام اللابتوب والهاتف و"الليتات" ، والمكيف ، والمكواة ، والمايكرويف .

عذرا لمن لم يحتمل عباراتي بالأمس والتي مست بقدسية الوطن ، فأنا هنا أقدم أسفي للوطن لكن على الوطن أيضا أن يقدم أسفه لي بما فعله بالأمس ، وليعتذر سعادة رئيس الهيئة العامة للكهرباء والمياه من أخي الصغير الذي عانى ألم تعرض قدمه للحر، ووالدتي التي تعبت معه ، ليتعذر لكل طفل رضيع صرخ بالأمس وعانى شدة الحر في منتصف الليل.

عذرا فالوضع لايمكن أن نرضى به هكذا ونحن نعيش في دولة تبيع متوسط سعر برميل النفط ب 90 دولارا ، وبها من الثروات البحرية والجبلية والطبيعية ما يكفي لهدم مفهوم الفقر في المجتمع .